لماذا لم يشتهد اللغويين بالسنة مثل استشهادهم بالقرآن؟
فهم يدعون أن علماء اللغة والنحو والصرف لم يعولوا في الاستشهاد على ثبوت اللغة، وأحكام بنية الكلمة "الصرف" وأحكام ضبط المفردات في الجملة (النحو) لم يعولوا في هذه الجهات على السُّنَّة، وتركوا الاستشهاد بها إلا النادر منهم، هكذا يقول منكرو السُّنَّة ويرددون بلا ملل ولا خجل أن علماء اللغة إنما تركوا أن يذكروا شواهد من الحديث النبوي؛ لأنه روى بالمعنى في عصور شيوع اللحن والخطأ في اللسان العربي، وضعف الملكات اللغوية، وموت السليقة. ولو كانوا قد استشهدوا بها على شيء من ذلك لنسبوا للسان العربي الفصيح ما ليس منه لذلك أهملوها إلا قليلاً منهم لم ير مانعاً من الاحتجاج بها.
منكرو السُّنَّة جمعوا في هذه الشبهة بين غرضين كلاهما فيه إنكار للسُّنَّة ومحو أي أثر لها في الوجود.
الأول: إنكار صلاحية السُّنَّة في الهداية والتشريع وهذا هو الهدف الرئيسي لهم في كل ما قالوه وكتبوه.
الثاني: إنكار صلاحية السُّنَّة في مجال اللغة والنحو والصرف فهي لا خير فيها أبداً، لا في شئون الدين، ولا في شئون اللغة والنحو والصرف. إذن هي مجرد عبء حملته الأمة فوق ظهرها على مدى أربعة عشر قرناً أو تزيد، دون جدوى ترجى منها؟
ومما يؤكد سوء نياتهم أنهم اهتموا بعرض وجهة نظر من يرى عدم الاحتجاج بالحديث النبوي في قضايا اللغة، وهولوا من شأنهم، ولم يقيموا وزناً للكثرة الكاثرة من اللغويين والنجاة الذين لم يروا حرجاً في الاستشهاد بالحديث النبوي على ثبوت اللغة، واللهجات العربية، وقضايا النحو والصرف ولو كانوا طلاب حق لعرضوا وجهتي النظر بحيدة وإنصاف ولكن فاقد الشيء لا يعطيه.