ما مفهوم الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
ووجه استدلالهم بهذا الآية على إنكار السُّنَّة وأنها بدعة وزيادة في الدين: إن هذه الآية نزلت في أواخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن للسُّنَّة وجود، لأن السُّنَّة جُمِعَت ودونت في القرن الثالث الهجري، فلو كان الدين وكماله متوقفاً عليها ما قال الله تعالى:
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }
ولما كان لهذه الآية معنى على الإطلاق يوم نزلت.
ولو كان عند منكري السُّنَّة ذرة من الفهم لآثروا السكوت على النطق بها، ولكن بغضهم لسنة الرسول الكريم أعماهم حتى عن رؤية موضع أقدامهم.
إن وجود السُّنَّة – عندهم – يبدأ بجمعها وتدوينها فقط لذلك جزموا بعدم وجودها في القرنين الأول والثاني الهجريين، وشطر من القرن الثالث؟! ونوجه إليهم هذا السؤال:
من أين جمع علماء الحديث السُّنَّة في القرن الثالث؟! هل هم ابتدعوها ابتداعاً من عند أنفسهم، وانتحلوها كانتحال الشعر الجاهلي حسب مزاعم المستشرقين أسيادكم؟ أم جمعوها من حفاظها ومصادرها التي سمعتها عن الرواة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
إذن السُّنَّة كان لها وجود في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة، وبعد الهجرة، لأن السُّنَّة هي أقواله وأفعاله وتقريراته. فهي كانت كالزرع ينمو ويتكاثر على مدى حياة من أرسله الله رحمة للعالمين.
وإن النهي عن كتمان العلم، والسُّنَّة من أشرف العلوم الإسلامية، كان يوحي لحفاظ السُّنَّة من الصحابة رضي الله عنهم أن يحدثوا بها الناس، ويبلغوها كما يبلغون القرآن. ومن هذا يتبين أن السُّنَّة كان لها وجود قوي يوم نزل قوله عز وجل:
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }
وكانت هي من عناصر كمال الدين الخالد العظيم.