الرسول – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كان يضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فأبو ذر لديه ما يشغله، ومعه من الأعباء ما يكفيه، وقد رآه الرسول – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – غير أهل لتحمل مشقة الإمارة بين أثنين، وغير أهل لأن يتولى مال يتيم، وهو على غير ذلك أقدر.
وفي هذه الوصية قاعدتان للعدل بين الظالم والمظلوم.الأولى: منع العدوان، والثانية: رد العدوان.
وقد أوصى النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بالنساء خيراً بعد النهي عن إيذاء الجار؛ لأن المرأة هي الجار الملاصق، الذي يرتبط بجاره ارتباطاً وثيقاً بميثاق غليظ أقره الله من فوق سبع سماوات وجمع به بينهما في خير، حتى أفضى بعضهم إلى بعض، وكان كل منهما لباساً للآخر وستراً عليه.
من المعلوم لدينا جميعاً أن الإنسان إذا ما أعطى شيئاً حرم آخر، فهو مرفوع في جهة مخفوض في جهة أخرى، فإن استحق الثناء على صفة من صفاته أو فعل من أفعاله فلابد أن يلاحقه الذم في صفة أو أكثر أو في فعل أو أكثر، فليس لأحد أن يدعي الكمال في شيء إلا الأنبياء، فإن لهم الكمال البشري، فلا يعابون على شيء فعلوه أو اتصفوا به، ومع ذلك فإنهم لا يجدون كل ما يحتاجون إليه في هذه الحياة، وربما عاش الكثير منهم كفافاً لا يجد من العيش ولا من الثياب إلا ما يسد الرمق ويستر العورة.
وإذا علمنا أن الرزق مقسوم ومحدود أدركنا – بالبديهة – أن البسط يكون بالبركة فيه، بحيث يتذوق المرزوق حلاوته، ويجد نفعه ظاهراً لديه غير خافٍ وعليه، ويوفق لشكر الله تبارك وتعالى على ذلك، فينال بهذا البسط ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة.
وجب على الرجل أن يختار من النساء امرأة ذات خلق ودين، ولا بأس أن يختارها ذات مال وجمال ونسب، ولكن ينبغي أن يجعل الدين منتهى بغيته ومحط أمله، فهو أولاً وما بعده تبع له. وعلى المرأة أن تختار من الرجال من له خلق ودين، إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
وقد سمى النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الزوجة حرثاً تشبيهاً لها بالأرض التي يزرعها صاحبها فيلقي فيها البذور بعد إصلاحها وتهيئتها للإنبات. وتشبيههاً بالحرث تعليل لجواز الاستمتاع بها في كل وقت وعلى أي كيفية مادام الجماع في الفرج، والتشبيه أيضاً يشعر بأن الجماع لا ينبغي أن يكون في الدبر لأنه ليس موضعاً للبذر، فالفرج هو المكان الطبيعي الوحيد الصالح لإلقاء البذور فيه.
لقد سعد أنس بن مالك- رضي الله عنه – بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم، ونال شرف خدمته وهو ابن عشر سنين, وفاز فوزاً عظيماً الحكيمة, وحرص كل الحرص أن يعيي ويحفظ كل ما سمع منه، ويعمل به.
ومعنى قوله: "ائْت المَعرُوفَ" اعرفه وافعله، وداوم عليه وعظمه في نفسك، وأمر به غيرك، كل هذه المعاني يحملها الأمر بالإتيان.
الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان بالله عز وجل، فمن لم يؤمن بقضاء الله وقدره لا يكون مؤمناً بوحدانيته عز وجل، ولا مقراً بأوصافه الكمالية. وذلك لأن القضاء والقدر من الأمور الغيبية التي اختص الله بعلمها ولم يجعل لأحد معه فيها مجال
كان العرب في الجاهلية يكثرون الحلف بآبائهم وأمهاتهم وأصنامهم، فنهى النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عن ذلك؛ لما فيه من تعظيم غير الله تعالى، وهو لا يليق بمن آمن بالله، وأخلص له دينه، واستحضر عظمته وجلاله في قلبه.
هذه وصية لمن يطلب العلم ويجد في طلبه ويقضي العمر في تحصيله، أن يتحلى بالإخلاص لله في طلبه، ويتزود بالتقوى؛ فإنها الطريق إلى فتح أبواب المعرفة.فالإخلاص عليه مدار صحة الأعمال وقبولها، والتقوى هي جماع الفضائل كلها، فلن يصل إلى العلم النافع في الدنيا والآخرة إلا من طلبه لوجهه الكريم، واستعان على طلبه بالطاعة والخضوع، والتمسكن والتواضع لمن بيده مفاتيح العلم جميعها.