لماذا يوجد في السنة أحاديث موضوعة؟
المقصود من الوضع في الحديث النبوي، هو الافتراء والاختلاق أي صياغة كلام في الشئون الدينية، وإسنادها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، على أنه هو قائلها زوراً وافتراء عليه، وهذه الظاهرة لا ينكرها أحد، وهي موضع إجماع عند علماء الحديث وغيرهم من علماء الأمة.
لكن منكري السُّنَّة المعاصرين وبعضاً من أسلافهم يملأون الدنيا صياحاً للتهويل من شأن هذه الشبهة، والقصد عندهم معروف، وهو التشكيك في ميراث الأمة من رسولها صلى الله عليه وسلم
وما دام الأمر – كذلك – فلماذا لا يطرقون الحديد وهو ساخن؟! ويتصل بهذه الشبهة شبهة أخرى، وهي ما يطلق عليه عند علماء الأحاديث مصطلح "الإسرائيليات" ولم نفرد لهذه الشبهة مبحثاً خاصاً بها، لأنها تندرج – في الواقع – في ظاهرة الوضع بمعناها العام.
لو كانت ظاهرة الوضع في الحديث قد غفل عنها علماء الأمة من محدثين ومفسرين، وأصوليين وفقهاء، ولم يكتشفها إلا منكرو السُّنَّة المعاصرون، لكان لهم حق في ترويجها والاستناد إليها في إنكارهم للسُّنَّة، ولما استطاع أحد الوقوف أمامهم فيما يقولون ولكن لسوء حظهم، وفضح أمرهم، وتسجيل الخزي عليهم، أن علماء الأمة منذ البدء الواسع في تدوين الحديث وجمعه، فطنوا إلى وجود هذه الآفة، وحاصروها من كل جهة، وأبطلوا مفعولها تماماً، ومنكرو السُّنَّة ذرات في عالم الغيب، ليس لهم وجود إلا في علم الله المحيط، الذي لا يعزب عنه شيء في الأرض ولا في السماء وصدق رسولنا الكريم القائل: "إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ".
لقد بذل سلفنا الصالح، رضوان الله عليهم – جهوداً شاقة في التصدي لظاهرة الوضع، ونشأ علم النقد "الحديثي" من أجل تمييز الحديث النبوي من الحديث الموضوع المختلق، الذي لم يقله صلى الله عليه وسلم.