هل السنة النبوية لعصر النبي فقط؟
في عرضهم لهذه الشبهة يفرقون بين دلالة السُّنَّة، ودلالة الأحاديث النبوية. فالسنة – عندهم – هي حياة النبي، التي انتهت بوفاته، يعني أن السُّنَّة على هذا التعريف "الشيطاني" ماتت يوم مات الرسول، وبموت السُّنَّة توقف دورها في الهداية والتوجيه؟!
أما الأحاديث النبوية، التي بين أيدي المسلمين فيتخلصون منها، كما تخلصوا من السُّنَّة، فيقولون: أنها ليست كلام النبي صلى الله عليه وسلم، بل هي مفتراه عليه؟!
ويعودون لبيان السُّنَّة فيقولون أنها فهم "شخصي" خاص بالنبي لما في القرآن. العمل به مقصور على فترة زمنية محددة هي حياة النبي من يوم بعثه الله رسولاً إلى يوم أن توفاه الله فدور السُّنَّة كان مرتبطاً بزمن معين، وهذا هو معنى "ظرفية السُّنَّة" عندهم.
باختصار شديد: يريدون محو كل أثر قولي، أو فعلي، أو تقريري لصاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم.
قليل من النظر الواعي حول ما بيبناه من هذه الشبهة، يريك أن هؤلاء المرجفين يركزون على أمرين:
الأول: أن السُّنَّة هي الفهم الشخصي للنبي صلى الله عليه وسلم لما أنزل الله عليه في القرآن، يعني نوعاً من تفسير القرآن صدر عن النبي مع حصر السُّنَّة في أنها (حركة حياة الرسول)؟!
الثاني: أن السُّنَّة – بهذا المعنى – لا بد أن تكون ظرفية مقصورة على مرحلة تاريخية من مراحل التاريخ الإسلامي، وهي من بدء الرسالة إلى وفاة الرسول.
فمكر منكري السُّنَّة هنا، ليس مقصوراً على السُّنَّة بل هو شامل للقرآن كذلك. وهذا كله غثاء في غثاء فلا السُّنَّة مرحلة مخصوصة من مراحل التاريخ الإسلامي، بدأت وانتهت، ولم تعد صالحة للحياة، ولا هي غير الحديث النبوي: فالسنة حديث، والحديث سنة، وما يقوله منكرو السُّنَّة في هذا المجال وهم من أوهى الأوهام.
إن سنة النبي – صلى الله عليه وسلم – سواء في ذلك القولية والعملية ليس فيها شيء قابل للتحنيط، أو العزل عن حياة المسلمين؛ لأنها مصابيح هدى في قلوب الأمة كالروح في الجسد.