إنما أنا لكم بمنزلة الوالد
إنَّ استعمالَ لطيف الخطاب ورقيق العبارات، يؤلِّف القلوب، ويستميلها إلى الحق، ويدفع المستمعين إلى الوعي والحفظ، فقد كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يمهِّد لكلامه وتوجيهِه بعبارة لطيفة رقيقة، وبخاصة إذا كان بصدَد تعليمهم ما قد يُستحيَا من ذِكره، كما فعل عند تعليمهم آداب الجلوس لقضاء الحاجة؛ إذ قدم لذلك بأنه مثل الوالد للمؤمنين، يعلِّمهم شفقة بهم، فقد قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((إنما أنا لكم بمنزلةِ الوالد أعلِّمكم؛ فإذا أتى أحدكم الغائط، فلا يستقبل القِبلة، ولا يستدبرها، ولا يستطب بيمينه))
[1]
لقد راعى المعلِّم الأول - صلَّى الله عليه وسلَّم - جملة من المبادئ التربوية الكريمة، كانت غايةً في السمو الخلُقي والكمال العقلي - وذلك في تعليقه على ما صدر من بعض الصحابة - جعلت التوجيه يستقر في قلوبهم، وبَقِي ماثلاً أمام بصائرهم؛ لِما ارتبط به من معانٍ تربوية كريمة [2].
---------------------------------------
[1] أبو داود، كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة (1/ 3)
[2] السيرة النبوية؛ د علي الصلابي.