الموقف من الأحاديث الآحاد
قد فهمت من كلام بعض منكري الحديث النبوي المعاصرين أنهم يفهمون أن حديث الآحاد هو ما رواه واحد عن واحد من بداية السند إلى نهايته، وهذا غير صحيح فقد يُروى حديث الآحاد عن عشرة في سلسلة السند ومع ذلك يظل حديث آحاد، ما داموا لم يحددوا بداية العدد الذي يكون به الحديث متواتراً.
ويستنتج من هذا أن الخلفاء الراشدين، والصحابة، جميعاً كانوا يعملون بالسُّنَّة الصحيحة، ولا يتجاوزون شرط الصحة من الحديث إلى أمر آخر زائد عن الصحة.
فشرط العمل بالحديث هو رواية "الثقة" عن مثله. ومتى استوفى الحديث شرط الصحة وجب قبوله والعمل به، وعلى هذا جرى العمل عند رجال القرن الأول، وهو خير القرون مع تالييه الثاني والثالث.
إن أكثر الأحكام الفقهية قائمة على الظن القوي وما في ذلك من حرج وحديث الأحاد الذي رواه الثقة يفيد الظن القوي إن لم يفد العلم، فيجب العمل به. هذا، وقد حكي الإمام الرازي إجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على العمل بحديث رسول الله آحاد أو غير آحاد ولأهل العلم المحققين أدلة من عمل الرسول نفسه تؤكد وجوب العمل بأحاديث الآحاد.
هذا هو موقف الأمة من صدر الإسلام إلى يوم الناس هذا، يعملون بالحديث النبوي (الصحيح) ولم يفرقوا بين حديث رواه واحد أو اثنان أو ثلاثة وحديث رواه أربعون، فما أبعد منكري السُّنَّة عن الحق في كل شبهاتهم التي يثيرونها لإبطال سُّنَّة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم قاتلهم الله أنى يؤفكون.