لماذا الأحاديث المتواترة قليلة؟
الحديث المتواتر وهو ما رواه مع يستحيل تواطؤهم على الكذب من أول حلقة في السند إلى آخر حلقة وما بينهما. حديث الآحاد، وهو ما رواه واحد فأكثر ولم يبلغ رواته في الكثرة مبلغ كثرة روارة المتواتر.
والمعروف عندهم أن المتواتر يفيد اليقين من حيث ثبوت الخبر المروي فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فادعوا أن الأحاديث المتواترة لا تزيد على سبعة عشر حديثاً ويبالغ بعض منهم فيدعي أن المتواتر منها حديث واحد "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ". أما ما عداه من أحاديث فهي كلها أحاديث آحاد؟!
ومن العجيب أن بعضهم يذهب إلى الضد فيتهم هذا الحديث بأنه موضوع ومكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
ويرتبون على هذا أن السُّنَّة لا تصلح أن تكون مصدراً للتشريع، لعدم الثقة فيها، وضعف سندها؟!.
هذه الشبهة لا مساس لها من بعيد أو من قريب بصحة مصدرية السُّنَّة للتشريع، ونوضح ذلك في الخطوات التالية، بادئين بمغالطاتهم في قضية التواتر:
ليس المتواتر قليلاً إلى الحد الذي ذكروه (سبعة عشر حديثاً، أو حديث واحد) فهذا جهل منهم بحقيقة التواتر الاصطلاحي، أو عناد ومكابرة.
وذلك لأن علماء هذا الفن (علم الحديث) قسموا الحديث المتواتر قسمين:
الأول: المتواتر اللفظي، وهو الحديث الواحد الذي يرويه جمه يستحيل تواطؤهم على الكذب، يرويه ذلك الجمع بلفظه ومعناه كحديث رفع اليدين في الصلاة، وحديث المسح على الخفين.
الثاني: الحديث المتواتر تواترا معنوياً لا لفظياً، كحديث رفع اليدين في الدعاء، فقد روى فيه نحو مائة حديث في هذا المعنى، مختلفة ألفاظها، ومعناها واحد.
ومن يسر هذه الشريعة الرحيمة، ابتناء الكثير جداً من أحكام التكليف على الظن؛ لأن الظن هو إدراك الطرف الراجح دائماً. وقد يكون الظن قوياً، والله لم يجعل علينا في الدين من حرج، ولو كلفنا بالتحري الشديد في كل شيء لوقعنا في ضيق من أمرنا.