هل تأخر تدوين السنة النبوية؟
هذه الشبهة يعول عليها منكرو السُّنَّة كثيراً في تحقيق أغراضهم ضد السُّنَّة، لهذا تراهم يبالغون في توظيفها للتهوين من منزلة السُّنَّة، وكونها – عندهم – دخيلة على الإسلام، وزيادة في الدين ما أذن الله بها؟!
فهم يقولون: لو كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون للسُّنَّة أهمية في الدين، لعجلوا بجمعها وكتابتها كما صنعوا بالقرآن، ولكن الصحابة أهملوها طيلة حياتهم وماتوا ولم تدون السُّنَّة في عهدهم، وإنما تولى تدوينها التابعون بعد مائتي سنة من بدء التقويم الهجري بل إن تدوينها تم في القرن الثالث الهجري، عصر البخاري ومسلم وابن حنبل وغيرهم هكذا يقولون.
هذه الشبهة مهما غالى المعاندون في دلالتها على مرادهم منها، فإنها أشبه ما تكون بسحابة صيف في سماء صافية، سرعان ما تنقشع.
ليس صحيحاً أن عصر صدر الإسلام خلا تماماً من تدوين السُّنَّة، إذ من المعلوم أن أجزاء من السُّنَّة تدوينها في حياة الرسول نفسه، وبتوجيه مباشر منه. من ذلك كتبه ورسائله لرؤساء الشعوب وزعماء العشائر والاتفاقات والمعاهدات والتصالحات، التي جرت في حياة النبي عليه الصلاة والسلام، وهي مجموعة الآن في وثيقة قيمة، وبعضها مختوم بخاتمه صلى الله عليه وسلم.
كما تقدمت الإشارة إلى كتبه صلى الله عليه وسلم إلى عماله، وكان يذكر لهم فيها ما يعينهم على الفصل في الخصومات التي ترفع إليهم في ولاياتهم.