لماذا دوّن البخاري سبعة آلاف حديث فقط في صحيحه؟
كذلك منكرو السُّنَّة تراهم يتهافتون وراء اقتناص الشبهات لإنكار السُّنَّة، مهما كانت تافهة، ضعيفة ولسان حالهم يقول: لعل، وعسى.
والشبهة التي نحن بصدد تفنيدها ونقضها – الآن – أوضح شاهد على تهافت منكري السُّنَّة، وهي كما قد رأيت: "ندرة الصحيح في محفوظ البخاري" يعني أنهم نظروا في مقدمته التي صدر بها صحيحه، وما نقل عنه من أنه كان يحفظ ستمائة ألف حديث، ومع ذلك لم يدون منها في صحيحه إلا أربعة آلاف حديث مع حذف المكرر، وحوالي سبعة آلاف حديث بالمكرر.
قد استنتج منكرو السُّنَّة، والقادحون فيها، من هذا التنظير بين المحفوظ والمكتوب أن البخاري رضي الله عنه لم يصح عنده من ستمائة ألف حديث إلا ما كتبه هو في صحيحه. بل إن بعض منكري السُّنَّة يهول كثيراً في التشكيك في الحديث النبوي، فادعى أن 97% من الأحاديث النبوية الشريفة مكذوب على رسول الله لأسباب سياسية. وهذه دعوى صريحة إلى نزع الثقة عن السُّنَّة النبوية كلها ومحوها من الوجود.
صحيح أن البخاري – كما قال هو نفسه – كان يحفظ ستمائة ألف حديث، وصحيح أنه لم يدون منها إلا أربعة آلاف حديث. وليس معنى هذا أن الإمام البخاري لم يصح عنده من محفوظة (ستمائة ألف حديث) إلا هذا القدر القليل (أربعة آلاف حديث).
لأن البخاري – رضي الله عنه – ألزم نفسه منهجاً في تدوين الحديث، وهو كتابة حديثين اثنين في اليوم الواحد، وكان يتوضأ ويصلي ركعتي الاستخارة قبل أن يضعهما في صحيحه المعروف.
وهب أن الصحيح من محفوظ البخاري خمسمائة ألف حديث فكم كان يلزمه في الوقت حتى يفرغ من تدوينها كلها، والمعروف أنه لم يكن يكتب إلا حديثين في اليوم الواحد؟