أَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ

أَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ

د. محمد بكر اسماعيل

عدد المشاهدات : 13

عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الأنصاري – رضي الله عنه -

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ – رضي الله عنه - إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَوَافَوْا صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُمْ ثُمَّ قَالَ: "أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ؟ قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: "أَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا؛ فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ".

والعرب إذ وعدوا بشيء قالوا: أبشر، أي قضيت حاجتك أو ستقضى عن قريب، فهي كلمة ذات وقع طيب على القلوب، وفيها ما فيها من جمل التلقي وحسن التفاؤل.

وأما قوله: "وَأَمِّلُوا" فمعناه: اطلبوا ما تشاءون فإني لا أرد لكم طلباً مادمت قادراً على تلبيته، والأمل في الحير محبوب، ولا سيما إذا أصاب موضعه، وأنتم مؤمنون، تأملون الغنى وتخشون الفقر وهذا أمر لا يقدح في إيمانكم؛ لأنه طبع من طبائع البشر، وجبلة لا تفارقهم، والمال خضرة حلوة، وفيه من المنافع الكثيرة ما لا يحصى، وقد قلنا إنه عصب الحياة، وعمودها الفقري، وشريانها الحيوي. 

ولكن وراء قوله – صلى الله عليه وسلم – "فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا" كلام حكيم يضع حداً لهذا الأمل ينتهي إليه، ويرده إلى الوسطية وهي: الإجمال في الطلب.

فإذا كان الفقر له مضاره، فللغنى – أيضاً – آفاته.

والخير كل الخير في الوسط والاعتدال، بحيث يكون المسلم عنده ما يكفيه وليس لديه ما يطغيه.

للمزيد :

https://rasoulallah.net/ar/articles/article/24737

#وصايا_الرسول

#حياتنا_على_سنته