مع الأنصار بعد غزوة حنين

مع الأنصار بعد غزوة حنين

فاطمة محمد عبدالمقصود العزب

عدد المشاهدات : 17

مع الأنصار بعد غزوة حنين:وإننا لنعجب من موقف الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الأنصار بعد غزوة حنين؛ إذ أدرَك ما بنفوسهم، فتعامل مع نفسيَّاتهم المتأثرة بحبٍّ بالغ حتى بكَت قلوبهم، ودمعت أعينهم تأثُّرا وحبًّا لرسول لله، وإيثارًا لِما عند الله، فلله درُّه من معلِّم! 

وها هي القصة يرويها لنا أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -:

لَمَّا أصاب رسولُ الله الغنائم يوم حُنين، وقسَم للمؤلفة قلوبهم من قريش وسائر العرب ما قسَم، ولم يكن في الأنصار شيءٌ منها - قليل ولا كثير - وجَد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى قال قائلهم: لقِيَ والله رسولُ الله قومَه، فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله، فقال: يا رسول الله، إنَّ هذا الحي من الأنصار وجدوا عليك في أنفسهم؟ قال: ((فِيمَ؟))، قال: فيما كان من قَسْمك هذه الغنائم في قومك وفي سائر العرب، ولم يكن فيهم من ذلك شيءٌ، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فأين أنت من ذلك يا سعدُ؟))، قال: ما أنا إلا امرؤ من قومي، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اجمع لي قومك في هذه الحظيرة، فإذا اجتمعوا فأعْلمني))، فخرج سعد فصرخ فيهم، فجمعهم في تلك الحظيرة، حتى إذا لم يبقَ من الأنصار أحدٌ إلا اجتمع له، أتاه، فقال: يا رسول الله، اجتمع لك هذا الحي من الأنصار حيث أمرتني أن أجمعهم، فخرج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقام فيهم خطيبًا، فحمِد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: ((يا معشر الأنصار، ألم آتِيكم ضُلاَّلاً فهداكم الله، وعالةً فأغناكم الله، وأعداءً فألَّف الله بين قلوبكم؟))، قالوا: بلى! قال رسول الله: ((ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟))، قالوا: وما نقول يا رسول الله؟ وبماذا نُجيبك؟ المنُّ لله ورسوله، قال: ((والله، لو شئتُم لقُلتم فصدَقتم وصُدِّقتم: جئتنا طريدًا فآويناك، وعائلاً فآسيناك، وخائفًا فأمَّنَّاك، ومخذولاً فنصرناك))، فقالوا: المنُّ لله ورسوله، فقال: ((أوجدتم في نفوسكم يا معشر الأنصار في لُعاعة من الدنيا، تألَّفتُ بها قومًا أسلموا، ووكَلتُكم إلى ما قسَم الله لكم من الإسلام، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس إلى رحالهم بالشاء والبعير، وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفسي بيده، لو أن الناس سلكوا شِعْبًا وسلكت الأنصار شِعبًا، لسلكت شِعْبَ الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امْرأً من الأنصار، اللهمَّ ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار))، فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا بالله ربًّا، ورسوله قَسْمًا، ثم انصرف وتفرَّقوا

الراوي: أبو سعيد الخدري، المحدث: الألباني، المصدر: فقه السيرة، الصفحة أو الرقم (395).