إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَدْمَة الأَوَّلى

إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَدْمَة الأَوَّلى

د. محمد بكر اسماعيل

عدد المشاهدات : 8

عَ

غَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضي الله عنه -

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى امْرَأَةٍ تَبْكِي عَلَى صَبِيٍّ لَهَا، فَقَالَ لَهَا: "اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي". فَقَالَتْ: وَمَا تُبَالِي بِمُصِيبَتِي. فَلَمَّا ذَهَبَ، قِيلَ لَهَا إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَهَا مِثْلُ الْمَوْتِ. فَأَتَتْ بَابَهُ، فَلَمْ تَجِدْ عَلَى بَابِهِ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَعْرِفْكَ. فَقَالَ: إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ" أَوْ قَالَ: "عِنْدَ أَوَّلِ الصَّدْمَةِ".

التقوى مع الصبر من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد. وللتقوى آثارها العميقة في القلوب المؤمنة. والصبر أثر من آثارها، بل هو قرينها الذي لا يفارقها.

الصبر هو: مواجهة الصعاب بصدر رحب وقلب مطمئن والرضا بقضاء الله وقدره، والتخلي عن كل ما يجلب اليأس والجزع بقدر الصدمة، والاستعانة على ذلك كله بكثرة الذكر وقراءة القرآن، والصلاة في جوف الليل، والدعاء الخالص، وسماع المواعظ، ومفارقة الأماكن التي يشعر فيها بضيق الصدر وانقباض القلب، والذهاب إلى الأماكن التي تشرح الصدر، وتذهب الجزن بشرط ألا يكون فيها ما لا يباح رؤيته أو مجاورته والنزوح إليه.

وقد قسم العلماء الصبر إلى أقسام باعتبارات مختلفة. فقالوا: ينقسم الصبر إلى صبر على الطاعات، وصبر عن المعاصي، وصبر على البلاء.

أما الصبر على الطاعات فمعناه: تأدية الواجبات والسنن والمستحبات من غير تقصير ولا تباطؤ؛ ابتغاء مرضات الله تعالى، وطمعاً في رحمته وخوفاً من عذابه.

وأما الصبر عن المعاصي فهو لا يقل شرفاً عن القسم الأول ولا يفارقه؛ فالطاعة: امتثال الأوامر واجتناب النواهي، ولا يسمى العبد مطيعاً إلا بهما.

وأما القسم الثالث من أقسام الصبر، وهو الصبر على البلاء فإنه ناشيء عن الرضا بقضاء الله وقدره كما أشرنا من قبل، وملازم للنوعين الأولين وداخل فيهما. والثواب على قدر المشقة، والدرجات في الجنة على قدر الإخلاص.

والصبر على البلاء درجات، من أعظمها الصبر عند الصدمة الأولى، فإنها تسلب الإنسان غالباً لبه، وتفزع قلبه، وتفسد مزاجه وتتلف أعصابه – فينسى عند وقوعها حلمه، فيقول ما لا ينبغي أن يقال، ويأتي من الأعمال ما لا يليق بمثله أن يأتيها. وأعظم ما يُعَتبر به المسلم عن الرضا بالقضاء والقدر قوله: "إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ"، بحيث تَصدُرُ من أعماق قلبه. ولكي تهون عليه مصيبته ينبغي أن يُرددها كثيراً كلما لاح له شبح الصدمة، أو أطل عليه من بعيد.

للمزيد :

https://rasoulallah.net/ar/articles/article/24734

#وصايا_الرسول

#حياتنا_على_سنته