تَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّكُنَّ

تَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّكُنَّ

د. محمد بكر اسماعيل

عدد المشاهدات : 16

عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا– قَالَتْ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ" قَالَتْ: فَرَجَعْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ: إِنَّكَ رَجُلٌ خَفِيفُ ذَاتِ الْيَدِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ. فَأْتِهِ فَاسْأَلْهُ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَجْزِي عَنِّي وَإِلَّا صَرَفْتُهَا إِلَى غَيْرِكُمْ. قَالَتْ: فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بَلْ ائْتِيهِ أَنْتِ. قَالَتْ: فَانْطَلَقْتُ. فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِبَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتِي حَاجَتُهَا. قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ الْمَهَابَةُ. قَالَتْ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا بِلَالٌ فَقُلْنَا لَهُ ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبِرْهُ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ بِالْبَابِ تَسْأَلَانِكَ: أَتُجْزِئُ الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا عَلَى أَزْوَاجِهِمَا وَعَلَى أَيْتَامٍ فِي حُجُورِهِمَا؟ وَلَا تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْنُ. قَالَتْ: فَدَخَلَ بِلَالٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ هُمَا؟" فَقَالَ: امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَزَيْنَبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَيُّ الزَّيَانِبِ؟" قَالَ: امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَهُمَا أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ".

كان النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يتجه إلى النساء بعد أن يفرغ من الرجال فيعظهن بمثل ما وعظهم به، ويخصهن بالخطاب مع أنهن شقائق الرجال في الأعمال الصالحة والإثابة عليها؛ مبالغة في حضهن على فعل الخير وإشعارهن بتحمل التبعة في إطعام الفقراء والمساكين من فضول أموالهن كما يفعل الرجال سواء بسواء مادام لهن مال ينفقن منه.

وكانت النساء يجدن في هذا الخطاب حلاوة تدفعهن إلى السمع والطاعة أكثر من الرجال أحياناً، فيسارعن في الخيرات وتنافسن مع الرجال في الصلاة والصوم والزكاة وسائر أنواع العبادات والقربات.

والنساء أرق من الرجال عاطفة وأحن منهم على ذوي القربى واليتامى والمساكين، وهن أحوج من الرجال إلى إخراج الصدقات لكثرة ذنوبهن؛ فأنهن يكثرن اللعين ويكفرن العشير، وهو الزوج، ويأتين من الأفعال ما يوجب دخولهن النار.

فقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: "تَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ" ترغيب لهن في إخراج شيء من أموالهن تطوعاً للفقراء واليتامى والمساكين إبتغاء مرضاة الله تعالى، ولو من حليهن وهو أعظم ما لديهن، وهن في الغالب لا يجدن بشي منها لحبهن للزينة والمفاخرة، وكأنه يقول لهن: لا تبخلن بشيء من أموالكن مهما كانت عزيزة عليكن؛ فإن الآخرة خير وأبقى، ولن يحصل العبد على حسن الثواب إلا إذا جاء بما يحب.

ويحتمل أن يكون المراد بقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – "وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ" قطع أعذارهن عن البخل بما في أيديهن، ولو كان التصدق بشيء مما تستطيع المرأة أن تستعيض عنه بشيء آخر أو تستغنى عنه.

وأما الصدقة فإن أجرها يكون بقدر الإخلاص فيها، ويكون بقدر حال صاحبها من الفقر والغنى.

اقرأ المزيد :

https://rasoulallah.net/ar/articles/category/1596

#وصايا_الرسول