إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: "الْمَسَاجِدُ" قُلْتُ: وَمَا الرَّتْعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ".
وعن أنس بن مالك – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا". قَالَ: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: "حلق الذكر". وعن ابن عباس – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ، فَارْتَعُوا". قَالَ: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: "مجالس العلم".
هذا الحديث برواياته الثلاثة يحمل إلينا وصية من أعظم الوصايا وأنفعها لنا في الدنيا والآخرة.
المجالس جنة الله في أرضه، والذكر نعيمها، والعلم غراسها، فمن أراد الله به خيراً فقهه في الدين، وأعانه على ذكره وشكره وحسن عبادته، وجعل قلبه معلقاً بالمساجد، فكان العلم غذاءه، والذكر دواءه والمسجد مأمنه، ولم يكن له وراء ذلك مطلب.
فقد شَبه النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – المساجد ومجالس الذكر والعلم برياض الجنة، لما فيا من التمتع بحلاوة العلم والذكر؛ إذ التمتع بهما يفوق التمتع بكل طيبات الحياة مجتمعة.
فالعلم خير ما يسعى إليه الساعون ويجد في طلبه المجدون، فلا شيء يفوق العلم في قدر وشرفه، كما سيأتي بيانه.
ومن ذاق حلاوة الذكر ذاق حلاوة الإيمان، ومن ذاق حلاوة الإيمان لم يشغله عن طلب رضا الله شيء، ولا الجنة؛ فإن الجنة هي مطلب عامة المؤمنين، ورضا الله طلب الخواص منهم.
فإن كان الإنسان يريد أن يرتع حقاً، فليرتع في هذه المجالس ولا يرتع في الأكل والشرب.
فعلى المسلم أن يجعل مبلغ همه في طلب ذلك المرعى الروحي الخصيب، فإنه جنته التي لا ينضب معينها ولا ينقد رزقها، ولا يفنى نعيمها.
بل إن أهل الجنة لا يتنعمون بشيء أكثر من تنعمهم بذكر الله وطلب المزيد من معرفة الله.
والعلم هو سلطان العقل، وملاك الفكر، وعماد الذكر، وبرهان صحة الإيمان وسلامة المعتقد. فلا إيمان بلا علم.
وأهل العلم أشرف الناس، وأعظمهم قدراً عند الله – عز وجل – وعند الناس.
اقرأ المزيد :