لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ
عَنْ عُمَرَ بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّمَا أَنَا عَبْد، فَقُولوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ". كان النبي صلى الله عليه وسلم متألقاً في أخلاقه العلية، ومتلألئاً في شمائله السنية، مكتملاً في خصاله الذاتية، معصوماً من جميع ما يعاب به الناس في الخَلقِ والخُلُق.
لقد أثنى الله عليه في كتابه العزيز ثناء ما بعده ثناء، ورفع من شأنه في الأولين والآخرين، فقال جل شأنه: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (سورة القلم: 4). أي: وإنك على وجه الخصوص لعلى خُلُق عظيم فاق خلُقُ جميع الخَلق.
وفي هذا الحديث ينهاهم عن أخطر أنواع الإطراء فيقول: "لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ" أي لا تقولوا في مثل ما قال النصارى في عيسى ابن مريم تقصدون بذلك مدحي والثناء علي، فأنا عبد الله ورسوله، فقولوا ذلك، ولا تقولوا قولاً يتعارض مع هاتين الصفتين – العبودية والرسالة وهما أعظم الصفات على الإطلاق.
فالعبودية وظيفة الخلق أجمعين، والرسالة اصطفاء لمن شاء الله من عباده المخلصين.
والله واحد لا شريك له ولا ولد، له الكمال المطل والتنزيه التام، فلا ينبغي أن يقال إلا ما أمر الله بقوله.
فلا تكونوا كالنصارى فإنهم قد ضلوا سواء السبيل، ورفعوا عيسى ابن مريم إلى ما ليس له بمقام، فوضعوه من حيث أرادوا أن يرفعوه، وهو بريء مما قالوه فيه ونسبوه إليه.
للمزيد :